الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

إلى عين " .

السلام عليكم دار قوم المؤمنين , أنتم السابقون ونحن اللاحقون , أسأل الله لنا ولكم العافية ..


وبعد ..
إلى الركن الأيمن العلوي ..حيث بلي جسد , وإلى السماء السابعة حيث طارت روح ..
هذا ما أريد له أن يصل دون العالم أجمع ولك فقط , حيث ترقدين بسلام آمنين ..
كيف أنت ..؟
كيف الجنة ..؟
هل أنتِ ساخطة كونك تركت حياتنا بسرعة , أن قطفك الموت زهرة وعطر بها تراب المقبرة .. أم أن الراحة هناك أنستك كل ذلك والسعادة الكاملة هناك أزاحت عنك سعادة الخوف التي نعيشها هنا..؟
حاولت أكثر من مرة أن ألحق بك , لكن يقيني بأن الاستعجال في شيء قد يؤخره , ويخيفني أن أتلظى في النار وأطلب أن أفيضوا علينا من الماء ولا تقدرين .. وأعرف حينها أن قلبك سيتمزق لهذا فقط أنا أتعوذ كل مرة من الشيطان الرجيم ..
أنا بين الرضا بحياة عادية وبين السخط , وأكثر ما أخاف أن يقبضني الموت على مشارف الدنيا وأنا أفتح باب النعيم أو بعد سنوات تعب وقبل أن أقبض النجاح بيدي بدقائق ..
نسيت أن هناك الكثير أريد أخبارك به عن المستقبل بالذات وأسئلة تنخر رأسي أجهلها ولا أعلم غيرك يمكنه إجابتي .. حتى ماتت الأسئلة في رأسي وأصبحتُ أبطش في حياتي على جهل , فلم يكن عن يميني وعن شمالي أحد من بعدك , وها أنذا لازلت أتخبط ..
لكن ما يربط على قلبي علمي اليقين أنني الآن فقط وبعد أن أصبحت أقارب عمرك *فالموتى لا يشيخون* بإمكاننا إذن تبادل أسرار الكبار والأحاديث دون أن تخشين علي منها أو مني عليها لقد كبرت كثيراً , لقد زاد في عمري عشر سنوات , قد أكون سحبتها من عمرك , عشر سنوات ليست جيَّدة بما يكفي ولا هي سيئة بما يكفي , لا شيء مهم سوى أني سعيدة جداً بالكتابة لك ..
(قلبي ينتفض) ..
أمي في صحة ولازالت كما عادتها تستيقظ باكراً تشرف على المنزل من أعلاه لأسفله , توبخني أكثر من العادة , بائسة أكثر من العادة , تهرب لغرفتها بين المغرب والعشاء وكل يوم من فكرة انتفاء احتمالية اتصالك , وتنسى الهاتف في يدها , يؤرقها كثرة الأصوات المتداخلة حولها واختفاء حبور صوتك , هي تبكيك ولازالت الوحيدة التي تبكيك ..
(إنها تسعل الآن رئتها لم تعد تحتمل غبار ذكراك أكثر )
أعرف أنك تشتاقين لأطفالك , هم لم يعودوا أطفال كما تظنين , لقد كبروا بسرعة أكثر من أقرانهم , قلوبهم جميعاً وحياتهم تسير باسترخاء , لا يتذكرون من تفاصيلك كثيراً ورغم هذا يملؤهم فراغ فقدك , حتى عندما يعبر اسمك أجدهم يتحفزون وقلوبهم معلقه وكأن اسمك سيدخلك عليهم من الباب , لكن ليسوا بؤساء , هم يفرحون ويضحكون ويسعدون بإنجازاتهم الصغيرة جداً ويزرعون الابتسامة على كل من حولهم ..
ابنتك فقط أشعر أنها غاضبة منك وكأن الموت قرار اتخذتيه للهرب عنهم , أشعر أنها غاضبه ففي كل مرة يهطل حزن فقدك علينا ونتهيب منه تلقي به عرض الحائط , تصعد لتكمل زينتها أو لتشغل المسجلة , تتلهى عنه بطريقة موجعه , لكنها في كل ليلة ترفع أكفها وتدعو وتبكي ..
لقد خطبت الآن من ابن أختي , وهي سعيدة جداً بهذه الخطبة ولا تنفك في أي وقت تعرج على ذكره وعلى حديثه وعلى نكاته , وأنا سعيدة لها وله ..
وابنك هذه سنته الأولى في الطب , ناجح هو وقوي ليس كما توقعتِ حساس وسيتعب , مثابر ويسعى في الحياة لتكون أفضل ويكون أفضل , همه أن يري العالم أجمع هو ابن من وأن يسمع من الجميع " الله يرحم من خلفك " , ولا ينفك هو الآخر في كل مناسبة وكل إجازة يخبرني بأن اخطب له (.....) وهي لا تزال في المرحلة المتوسطة تخيلي , يخاف يقطفها غيره هي فعلاً زهرة تليق به وهو يليق بها , لكن التأجيل خيرة ألست معي ..
الآخرين يجتهدون في الحياة وتشغلهم دراستهم عن كثير أشياء ..
صار عندهم أخت صغيرة في السنتين من عمرها , أضفت على حياتهم نكهة وصبغت دنياهم بألوان طيف , يحبونها جداً وأنا أحبها أيضاً .. وأمها أصيلة وحنونة جداً حتى عليهم , هي أم درجة ثانية (:


الجميع يعيش حياته كما هو مقدر لها , والجميع راضي بقضاء الله وقدره , لم يعد أحد يبكيك ولم يعد أحد يؤجل أفراحه احترام حزنك , لكنهم عميقاً في صدورهم يفعلون ذلك كل ليلة , وهم بذلك أغبياء فلا أنعم من العيش عند ربٍ كريم غير غضبان ..
.
متى سألحق بك ..؟
ألا تعرفين متى يكون ذلك ..؟
لأحتط من أمري , ففي حياتي الكثير المؤجل ..
حياتي كلها مؤجلة (:

.
.

هناك 6 تعليقات:

rainbow يقول...

يااااه
ارجوك .. كفى هذا الكم الهائل من الحزن .. اليوم احسست بضيق فى صدرى
وقت الصباح رغم ان مزاجى فى الصباح
دائماً يكون جيد مع القهوة ..

عزيزتى .. لماذا كل هذا الألم

؟؟

أنا كنت أتألم و نسيت ألمى بسبب ألمك ..

كونى بخير عزيزتى

نون ! يقول...

الألم خير , أن تتألم يعني أنك تملك مشاعر ولاتزال حية , ربما تلك المشاعر تمرض وقت وتتعافى , لكن أنا للاسف لا أملك حتى وخز الألم ..

إذن أنا بخير لا تشغل نفسك , هي أشياء تروح وتأتي ..

(:

هل لي بطلب ..

"يسعدني حضورك أكيد , لكن عزيزتي وغاليتي ودمتي .. هي تسبب لي حرج .."

وشكراً لك ..

غير معرف يقول...

الله تدوينة رهيبة رغم إنها عن الموت لكن طريقة الطرح تجعلك تشعر بأنه مجرد انتقال لمكان أفضل.

اللهم أرحم موتانا وموتى المسلمين

شيمو يقول...

بكيتيني الله يهديك

اليوم بكيت مرتين قريت شي عن الأب وتذكرت زوج خالتي وبكيت

ودخلت المدونه ولقيت هذا الكلام وبكيت

يلا نو بروبلم

الله يرحمهم جميع

rainbow يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
نون ! يقول...

غير معروف :
الموت راحة , نحن لانخاف الموت بقدر خوفنا أن يأتي في القوت الغير مناسب , كلنا يخاف ذلك فقط , أن يستعجل الحضور قبل التوبة مثلاً ..
الانتقال من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة لايقارن .

/

شيمو :
قلبي عورني فعلاً عليك , تعرفين الوخز القوي هو ذلك الألم , لاعليك الأمور تمشي في طريقها المعبد ..
ابتسمي (:

/

قوس قزح :
أعلم ماذا تعني وجداً , أعرف أن الحرف هو الطريق المفروش فقط , أعلم أن بعض الحروف مجردة من المعنى , شيء اعتدنا عليه , لكن ليس الجميع يفهم بهذه الطريقة الحضارية ..
(:
شكراً لك ..

.

الجميع هنا " سامحوني " .