الأحد، 31 أكتوبر 2010

حاء / صاد ..



عندما يقال "المرأة والشيطان وجهان لعملة واحدة " , يكون الرجل والشيطان الوجه ذاته من تلك العملة
/
.
تشبهني فزًاعة , يحاصرها مدى شاسع لكنها ترى في أطرافه عمى , يحيطها عالم أخضر ونسيم وسنابل لكنه يورث في صدرها يبس , تشبهني تماماً عندما تفتح ذراعيها للرياح وتنسى أن صدرها من قش , كيف لها أن تحب العصافير والعصافير تخافها , تطلق سيقانها للريح لكنها لا تغادر مكانها
أشياء كثيرة بها تشبهني ويؤلمني هذا الشبه في صدري القش , وقوفها لمدة طويلة منعها عن الحلم بالركض والغناء ومحاولة الطيران , الآن هي فقط تحلم أن تستلقي وتنام , أن تقف وتلامس قدماها أرض حقيقية يتسرب منها دفء لينساب من بين أصابعها عذاب ..
وأقطف ورود أحلامي باقة زاهية , أمنحها الرياح , تلك الرياح التي فتحت لها ذراعي ونسيت أن صدري من قش ولم يخطر في بالي أنها ستكون عاتية ..
/
.
وفي العيد , وبعد أن انتهيت من ترتيب المنزل , سأتفرغ لترتيب اهتماماتي والتي ستكون فارغة منك .
/
.
الوداع أرحم من الغياب !
الوداع نقطة .
والغياب نقاط ...
/
.
كل صباح تشذب الأنا أجنحتها لتنطلق , والأجنحة على أية حال لاتعني أنها حمامة سلام ربما كانت غراب بين .
/
.
الخديعة ..ألم ..!
العالم .. خديعة ..!
أنت .. العالم ..!
الألم .. أنت ..!
/
.
لم يعد أحد في الحقيقة جدير بالثقة , كل اللذين خلقوا للثقة ماتوا كذلك من أجلها ..!
أمسك عليك قلبك , أمسك عليك نبضك, أمسك عليك لسانك ..
/
.
أعلم أني رثيت الحياة عندما بكيتك..!
/
.
والغيم الذي كان يسقينا حزن غادر , والشمس بالغت في تجفيف قلبي حتى تكسر , وأضلاعي ليست سوى أفرع شجرة يبس لا تحمي داخلي بقدر ما تغرس فيه رؤوسها ..
أتلفت نحو الجميع , والخديعة ألم , والألم يتشبث بي وكأني كنت أمه , ترتعد أطرافي فأشدد على أطراف الجكيت حتى يكاد يتمزق ويتمزق كلي ووحده الجكيت يجمع شتاتي , أريد أن أعبر للضفة الأخرى , حيث الماء ...
/
.
لا يا محمود درويش ليس على الأرض ما يستحق الحياة , وإلا ما تركتها ..
وأنا يا أحلام عندما أحب شيئاً ..أفضل أن أًطلقه ..!
/
.
كنت في إزعاج حاد , قلق يتضخم حتى يصيبني بالعمى , عجل على عجل , والخوف يركض , حتى رفعت كفي في ساعتك المتأخرة "يارب فوًضت أمري إليك " , عندها فتح باب السماء ونزل الفرج , وسكنت روح طرقت جميع أبواب الخلق ولم تُفتح في حين الخالق كان ينتظرها على باب ..
يالله اشكثر أنت ...
/
.
إن لم تكن ذئباً أكلتك الناس ..
/
.
لا تطرق قلباً لا تحتمل فيضاناً خلفه , إن لم تكن على استعداد للغوص في أعماقه , لا ترهق قدميك بالوقوف حتى خلفه .
/
.
الرجل الذي يسكن رأسي سيء ولا يحترم الآدمي الذي أسكنه رأسه , هو لا يعترف بالخصوصية ولا يأبه بنظام أو حتى حان وقت النوم , إنه متى ما أراد أشعل دماغي وقرًب منه الورق وأخذ يدخن سجارته ويشخبط , رجوته إلا اليوم غداً ينتظرني عمل شاق لكنه لا يسمع سوى صوت أفكاره المزعج .
أبدو بلهاء فعلاً وأنا كائن كبير كفاية يتحكم به كائن صغير وربما غير مرئي , أنفض السرير وأقرب الورق أنا الأخرى وأكتب ما يصلني من صدى صوت أفكاره ومايطيش هنا وهناك , وأميل برأسي للأمام عنوة عندما يجعد هو ورقته التي كتبها ويرميها في وجهي من الداخل , ولايحصل مرة أن تخرج ورقة وتسقط أمام عيني لأكتب أفكاره بوضوح , هو حذر كفاية للدرجة التي تجعله لايكتب إلا عندما أطفئ الأنوار ويغلق هو النوافذ ..
/
.
(وعجلت إليك ربي لترضى ) منتهى الحب ..
(والجروح قصاص ) مثل سلسلة تبدأ من شخص لآخر حتى تصل إليه في النهاية ..
/
.
عندما فشلت أن أكون ابنه , عندما فشلت أن أكون أخت , عندما فشلت أن أكون زوجة , عندما فشلت أن أكون شهادة موقعة بيد التعليم العالي , ادخرت كل نجاحاتي لأكون ما أريده "كاتبة " ..
/
.
لست سوى مجموعة ظلال , تولد مع الشمس وتموت بغروبها , وان قفزت الظلال وهربت وعادت أو ركنت لواقعها تنتظر الموت , ففي النهاية هي المسافة مابين شروق وغروب
تتكدس بي الظلال كل مرة حتى أني أتلاشى كل غروب ..
/

.

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

إلى عين " .

السلام عليكم دار قوم المؤمنين , أنتم السابقون ونحن اللاحقون , أسأل الله لنا ولكم العافية ..


وبعد ..
إلى الركن الأيمن العلوي ..حيث بلي جسد , وإلى السماء السابعة حيث طارت روح ..
هذا ما أريد له أن يصل دون العالم أجمع ولك فقط , حيث ترقدين بسلام آمنين ..
كيف أنت ..؟
كيف الجنة ..؟
هل أنتِ ساخطة كونك تركت حياتنا بسرعة , أن قطفك الموت زهرة وعطر بها تراب المقبرة .. أم أن الراحة هناك أنستك كل ذلك والسعادة الكاملة هناك أزاحت عنك سعادة الخوف التي نعيشها هنا..؟
حاولت أكثر من مرة أن ألحق بك , لكن يقيني بأن الاستعجال في شيء قد يؤخره , ويخيفني أن أتلظى في النار وأطلب أن أفيضوا علينا من الماء ولا تقدرين .. وأعرف حينها أن قلبك سيتمزق لهذا فقط أنا أتعوذ كل مرة من الشيطان الرجيم ..
أنا بين الرضا بحياة عادية وبين السخط , وأكثر ما أخاف أن يقبضني الموت على مشارف الدنيا وأنا أفتح باب النعيم أو بعد سنوات تعب وقبل أن أقبض النجاح بيدي بدقائق ..
نسيت أن هناك الكثير أريد أخبارك به عن المستقبل بالذات وأسئلة تنخر رأسي أجهلها ولا أعلم غيرك يمكنه إجابتي .. حتى ماتت الأسئلة في رأسي وأصبحتُ أبطش في حياتي على جهل , فلم يكن عن يميني وعن شمالي أحد من بعدك , وها أنذا لازلت أتخبط ..
لكن ما يربط على قلبي علمي اليقين أنني الآن فقط وبعد أن أصبحت أقارب عمرك *فالموتى لا يشيخون* بإمكاننا إذن تبادل أسرار الكبار والأحاديث دون أن تخشين علي منها أو مني عليها لقد كبرت كثيراً , لقد زاد في عمري عشر سنوات , قد أكون سحبتها من عمرك , عشر سنوات ليست جيَّدة بما يكفي ولا هي سيئة بما يكفي , لا شيء مهم سوى أني سعيدة جداً بالكتابة لك ..
(قلبي ينتفض) ..
أمي في صحة ولازالت كما عادتها تستيقظ باكراً تشرف على المنزل من أعلاه لأسفله , توبخني أكثر من العادة , بائسة أكثر من العادة , تهرب لغرفتها بين المغرب والعشاء وكل يوم من فكرة انتفاء احتمالية اتصالك , وتنسى الهاتف في يدها , يؤرقها كثرة الأصوات المتداخلة حولها واختفاء حبور صوتك , هي تبكيك ولازالت الوحيدة التي تبكيك ..
(إنها تسعل الآن رئتها لم تعد تحتمل غبار ذكراك أكثر )
أعرف أنك تشتاقين لأطفالك , هم لم يعودوا أطفال كما تظنين , لقد كبروا بسرعة أكثر من أقرانهم , قلوبهم جميعاً وحياتهم تسير باسترخاء , لا يتذكرون من تفاصيلك كثيراً ورغم هذا يملؤهم فراغ فقدك , حتى عندما يعبر اسمك أجدهم يتحفزون وقلوبهم معلقه وكأن اسمك سيدخلك عليهم من الباب , لكن ليسوا بؤساء , هم يفرحون ويضحكون ويسعدون بإنجازاتهم الصغيرة جداً ويزرعون الابتسامة على كل من حولهم ..
ابنتك فقط أشعر أنها غاضبة منك وكأن الموت قرار اتخذتيه للهرب عنهم , أشعر أنها غاضبه ففي كل مرة يهطل حزن فقدك علينا ونتهيب منه تلقي به عرض الحائط , تصعد لتكمل زينتها أو لتشغل المسجلة , تتلهى عنه بطريقة موجعه , لكنها في كل ليلة ترفع أكفها وتدعو وتبكي ..
لقد خطبت الآن من ابن أختي , وهي سعيدة جداً بهذه الخطبة ولا تنفك في أي وقت تعرج على ذكره وعلى حديثه وعلى نكاته , وأنا سعيدة لها وله ..
وابنك هذه سنته الأولى في الطب , ناجح هو وقوي ليس كما توقعتِ حساس وسيتعب , مثابر ويسعى في الحياة لتكون أفضل ويكون أفضل , همه أن يري العالم أجمع هو ابن من وأن يسمع من الجميع " الله يرحم من خلفك " , ولا ينفك هو الآخر في كل مناسبة وكل إجازة يخبرني بأن اخطب له (.....) وهي لا تزال في المرحلة المتوسطة تخيلي , يخاف يقطفها غيره هي فعلاً زهرة تليق به وهو يليق بها , لكن التأجيل خيرة ألست معي ..
الآخرين يجتهدون في الحياة وتشغلهم دراستهم عن كثير أشياء ..
صار عندهم أخت صغيرة في السنتين من عمرها , أضفت على حياتهم نكهة وصبغت دنياهم بألوان طيف , يحبونها جداً وأنا أحبها أيضاً .. وأمها أصيلة وحنونة جداً حتى عليهم , هي أم درجة ثانية (:


الجميع يعيش حياته كما هو مقدر لها , والجميع راضي بقضاء الله وقدره , لم يعد أحد يبكيك ولم يعد أحد يؤجل أفراحه احترام حزنك , لكنهم عميقاً في صدورهم يفعلون ذلك كل ليلة , وهم بذلك أغبياء فلا أنعم من العيش عند ربٍ كريم غير غضبان ..
.
متى سألحق بك ..؟
ألا تعرفين متى يكون ذلك ..؟
لأحتط من أمري , ففي حياتي الكثير المؤجل ..
حياتي كلها مؤجلة (:

.
.

الأحد، 17 أكتوبر 2010

إصبع تقضمه إمرأة كل يوم / ساق يقطعها رجل كل ليلة ..






هل تظن أن الأحلام بلون الورد وبرائحة الورد وبجمال الورد , أنت مخطئ لقد بدلت مثل البشر أقنعتها واصطبغت بلون معتوه لاتستبينه , وما عاد يُجنى منها الجمال فقط هو الرعب , نغفو نلتحف العتمة ونصحو يغطينا الفزع الأكبر , وفزعي يقتات على أيامي مثل شجرة بائسة لا ظل ولا ظليل ولكنها حطب يُحتطب منها كل ليلة لتلهب قلبي .
Breathing..
وعندما يوقظني ركض أحدهم خلفي شاهراً فأس مصقولة استيقظ ويدي تتحسس عنقي ولا يزال وقع الخطوات يطرق أذني , أتنفس ولا تدخل أمي وبيدها كوب ماء وتعلو ملامحها الدهشة وكأنها كانت بالباب تدعو علي بالفزع لتكون في السيناريو أم حانية من الدرجة الأولى , أم هي فقط جدراننا السميكة كفاية بحيث لا يتسرب منها الشعور بالخوف ولا رهبة الموت فتبقى حبيسة الغرفة تتكاثر تحجب الشمس ..
Take the same ..
حاولت مراراً أن لا أنام إلا وقلبي في صندوق , وصوتي في زجاجة , فالنبض شحيح على الحب فكيف للخوف والرعب ينتفض ....أرتب اللحاف , أتذكر حلم البارحة كاملاً , أبدل الوسادة , أغفو بعد أن تمنيت لي أحلاماً سعيدة , ثم تقبل في صورة امرأة وتتحول بقربي إلى خفاش تبدأ مطاردته لمضخة الدم في صدري , أهرب و المضخة في صدري تحاول الهرب , يغرس في عنقي ناب ..أصحو وقد ابتلعت صوتي , افتح عن قلبي فأجده ينتفض ..
Inhalation exhalationيا شيخ ..
"كانت يدي تقبض على الهواء , وبعد محاولات عدة فتحتها .. فتحتها والدم يغطي الأصابع والوجع في جوفي وأنَّة ..
"استغفري لذنبك .. استغفري لذنبك .. استغفري لذنبك ..
الكتابة ليست ذنب ..طوط طوط طوط .. !
الكتابة فقط عفن .
لم أقبض بعد حلمي هذا على كوب قهوة ساخن , فلا تزال يدي تبكي , لا أثر لجرح ولا دموع لكن نشيجها يقطع نياط القلب , القلب الذي منذ تلك الليلة لم يغادر الصندوق أقفلت عليه مرتين بعدما وجدته على باب الغرفة يحاول الهرب ..
Good morning..
كعادة الأحلام السيئة فهي تبث في جسدك الخدر وتشعل عينيك حتى اليوم التالي لا تنطفئ دقيقة , فأذهب كل يوم للعمل بنفس بائسة وبطارية ضعيفة ..1
+1= واحد "انفصل عنه ظله"..
لا خطأ يا بنات عدلوا .1
+1= نصف " هارب " ..
شاطرة انتبهت والبقية بس تكتب ..1
+1= اثنين .."كل واحد منهم راح في طريق"..
نكمل بعدين ..
يا أبله متى بعدين ..
متى ما رأيت أحلاماً وردية ...
ثعبان ينفث سمه
عقرب تلسع
أسد يكشر عن أنيابه
عناكب أخرى
جدار يسقط
سن يُقتلع

وفي الجهة المقابلة من السريروسائد بعضها فوق بعض ..
وقلب لا يزال ينتفض في صندوق .
وسؤال "أين غادرت تلك الأحلام الوردية ..؟"
وجواب " الحلم هو الواقع " .
وإن لم تكن ذئباً أكلتك الناس ..


أرخي الظلام على وجهي , أسحب أظفاري , أنحت أنيابي , ابحث عن باب حلم مفتوح أدخل منه إليه وأحرقه ..إنما أنا حلم فقد في يوم من الأيام طهارته فتمزقت تباعاً أجنحته وسقط طوق الملائكة من على رأسه , برزت أنياب واشتعل في صدره الغضب حتى تفحم ..بداية حلم ونهاية كابوس ...

الكتابة عفن , أحاول مراراً أن أزيله بسكين حادة وأكشطه عن حياتي حتى تتنفس , لكنه يتمدد بي حتى العمق ..

حياة ميتة .

استغفرالله استغفرالله استغفرالله ....
اصبع ندم وساق غواية !

ونص لاذع بطعم الكهرباء على لساني ..

الجمعة، 1 أكتوبر 2010

لَغَم " وُلد .. مات " .


أريد أن أتحدث كما لم أتحدث من قبل , أريد الصراخ في وجه الجميع كما لم أصرخ من قبل , أريد الكلام دون انقطاع وكأني لم أتكلم من قبل ولا بعد , أريد البكاء بحرقة وشعور حارق باليتمْ داخل كل خلية ..

وعلى الجميع أن ينصت في خشوع , وكأن ما أقوله بكاء فقدْ أو عريضة نعي , ومن ثم عليكم البكاء والترحم ثم الاصطفاف في طوابير لتلقون على حزني الوردْ .

ولن يفوتني في هذا الجمع الغفير أن أكذب ولن أكذب , ثم سأصطنع خيبة الرجاء وكسرة الأمل وفي عيني ستكون دمعة ستبقى إلى انتهاء المشهد معلقة لا تسقط ولاهي تسمح بالرؤية .

الآن سأحدثكم عن مدى خيبتي , عن عمري الذي يعبرني إلى الآخرة وفي كل يوم يمر يمزقني كورقة تقويم أهميتها في موتها , وهكذا أغدو ركام أوراق تقويم لا تحمل في ظهرها أي حكمة ولا أي معلومة تشفع لها بالبقاء محشورة بين دفتي كتاب أو مختبئة في حاملة أقلام , عدى بعض الملاحظات النادرة مطبوعة على بعض منها وبعض الأعمال المؤجلة على أخرى وينتهي الأمر ..إلى الأبد .







"هي يو تعال أبكي عنك " ..

وأرمي بكل حزنك على كتفي , فهما لم يتعهدان في حياتهما سوى حمل الحزن والتعب , ولا تجعل صوت أزيز المفاصل يردعك ولا تعجل , فإنما هو دليل حي ولن يموت على زمن عابر وخبرة كافية , كأرجوحة تقف في العراء تحمل النور والظلام بالتناوب , ترتدي حر الشمس ولا يطبطب نسيم البدر حروقها ولكنه يزيد حروق قلبها حرقة , أترك أشياؤك الحزينة فقط والموغلة في الألم و غادرني إلى حيث يضحكون , ويفرحون ولا يبكون , إلى حيث يعيشون حياتاً هنيئة بلا أدنى غصة ولا أقل وجع , إلى حيث يذهبون دائماَ بدوني , إلى اجتماعات الأصدقاء , إلى اجتماعات الأهل , إلى اجتماعات الناجحين الكادحين , بل حتى اجتماعات الفشل والسخرية منه دوني .

واتركني هنا , في ركن الزاوية أستقبل الأحزان والأتراح حتى ما بعد الثانية , أحصدهم جميعاً لا أنسى منهم أحداً , كما ولا أنسى أن أتبسم , فكلهم بعد حزني عليك وبكائي عنك لا يعدون من الحزن شيئاً , أتبسم , كما ولو أني أجمع ذكرياتي العابرة في صندوق مخملي يضم الصوت والهمس والحركة وعبق حتى آخره بالرائحة , يحوي ماضٍ في داخله دون أن يفرط منه بشيء ومن دون أن يختنق به , كعلبة ألوان معدنية تحمل في داخلها أربعة وعشرون لحظة دون أن تختلط ألوانها أو تختفي الرائحة وأبقى في سري كفرشاة حزن وحيدة , تغتسل كل مرة من ألوانهم لتبقي على سوادها طاهرة .

ولا تشفق علي , فأكثر ما يغيظني الشفقة , تلك التي لا نعي أصلها , وكأنها من بين المشاعر كلها "نَوَر" , تأتي بكل أنواع الرقصات المطلوبة منها ولا تتقن لها رقصة ولا تفكر أن تبتدع , اتركها فأنا أمقتها , وأي إحساس من هذا النوع لأي أحد هو لا يمنحه سوى تعاسة تتضخم لتدفعه لطريق معتم وربما "س س سأنتحر ..!"

وأنام وأصحو لأدرك إنما أنا مسمار علًق على الحائط

"ع / ب / ث" .

شعور قارس بالقلق ..









"وفي مثل هذا القلق ..!"

في "حوشنا" , كانت شجرة زيتون معمًرة بعمر البيت , كلما عبرت من أمامها أرتجف حتى أوشك أن أقع , حتى عندما أعبر إلى الأمام التفت نحوها للخلف , أشعر أن عيناها تلاحقني وتلتصق بظهري , وي كأني أسمع في الليل صراخها , مكتظة هي بعالم آخر أسمعه / أحسه / أشمه ولا أراه , وتحوم فوق رأسي استفاهامات بكل أحجامها , تدفعني قصراً لقطع أغصانها , وأخاف من ذلك , أعلم أني لو فعلت لربما آذيتها وأنا على يقين بأن في داخلها شرايين وأوردة , ويسري فيها دم يحتقن في أغصانها فيبدو أخضر , حبيسة تلك الشجرة أنا ولا أحاول فكاكاً ..

إلى فلسطين مع الحب ..

وددت لو حملت في صدري غصن زيتون وحمامة سلام تأكل منه وقبة صخرة خلفها , وتجلجل في أركانه آذان القدس , فأعيش لقضية كل ما سواها لا يعدو كونه عبث ,

فأكتب فيها عنها لها وبها عما بها , فيكون على جسدي جراح حقيقية أبكيها , وعلى أصابعي آثار دم ودموع ترثيها , ولا أكون بهذا السخف , يبحثون عن حرية الوطن ونبحث عن حرية البطن , يتكلمون عن السجون والأسرى والاغتيالات ونتكلم عن المجون و السكارى والاعتداءات , ينقشون الحرف بالمسامير ونكتبه من بين الحرً والحرير .

كأنما نكتب عن نكتة سمجة للغاية ونضحك لها ونصفق في جنازة أحدهم بينما كل من حوله يعيش حالة حزن وصمت ..

وأخجل منهم ومن فلسطين ومن القضية .

فشتًان مابين من يكتب بغصن أخضر وبرائحة الليمون عن من يكتب بأسود تنبعث منه رائحة النفط الكريهة ..

"لا يستوون " .









ولا أستوي بأحد , وعندما أفكر في ..

"الفارغون هم الأكثر ضجيجاً ..أضحك ثم أبكي .

أقرع رأسي فأسمع دويًه يعبر الشارع , وأضرب صدري فيكبر الصدى في جوفي , كأنما أحمل بين جوانبي هواء , لذلك يلازمني الأرق طيلة يومي , فصوت النبضات في داخلي يسبب الصداع مزعج هو وكأنما هي ساعة استبدلت "تك / تك " بـ"دوف / دوف " وقد كنت من قبل أظن السهر لقضية كبرى لم تكشف عن ملامحها بعد ولم يخرج ظني عن الظن الإثم , وما سيكون سهري بعد ذلك سوى أني اعتدت الأمر ..

ما يزال أمامي الحرية في أكثر من قضية أحشر نفسي بها وألوكها كما سبقني قبلي ألف , مثل طلب المساواة بيني وبين رجل ليس له حقوق في الأصل وآخر لا يحفظ من الحديث كله عدا " ناقصات عقل ودين" , وسأكتب عن حلمي في السير حافية القدمين بمحاذاة بحر نظيف وعبق دون أن يصرخ أحدهم بـ"صفر خمسة صفر .." , أمشي بمحاذاته ولا يكبر في داخلي خوف العار والفضيحة وأني قد أقع وقد يكشف عن ساق والذي لن يكتفي من حضر الموقف بمشاهدته بل إنه سيملأ اليوتيوب والفيس بوك والتويتر وكأنه صيد ثمين , فأنفض الحلم بعد أن تحول كله في وطني لكابوس , سأتحدث عن احترام الآخر واشتراط الحدود وأن المجاملة مرة لا تعني الضعف وأن الذوق يستوجب التعامل بذوق مثله وأطبعها شعارات أعلقها على جميع ميادين الحياة , ليتوقف ربما طلب الرقم من خلال الرسائل عند الاعتذار مني دون أن يردف صاحبه طلبه بـ"من زينك و شايفة نفسك على إيه " , وعندما أخبر أحدهم أن أهلاً بك واعتبر المدونة مدونتك فهذا لا يعني بالضرورة أنها أضحت فعلاً مدونته وربما حتى بيته , فيعزم الصحاب والرفاق في صندوق المحادثة هناك ويكثر التبجح حتى أنسى أنها لي فأستأذنهم الدخول ثلاث مرات عند المغيب وعند الشروق وفي آخر الليل ..

أو ربما أجد في مجال التعليم علتي ونهاية قصتي , فأكتب عن شطارتي وكيف كنت "فري اكسلنت" حتى نهاية أعوامي الدراسية فصباح كل يوم "وعلم ينتفع به " ترن في رأسي ثم أعود كلي بهجة لأني في حفظ الله حتى منذ الفجر وحتى الظهر , واكتشف متأخراً إنما أنا بالون وعبئت بهواء وهذا الهواء فاسد لم يحملني عالياً ولم يتركني أستقر بالأرض ..وما كل شهاداتي سوى شهادات زور , وأشعر أني خريجة التعب فقط وأني بحاجة للبدء من جديد ..

أ ب ت ..

1 2 3 ..

تشير الأرقام مؤخراً أن الوطن جداً مريض وارتفاع حرارته في ازدياد , موبوء هو بالوراثة ومعبأ بالـ"آخ تف " , مغلف بالقرف , ولو عملنا إحصائية على أكثر الكلمات مداولة في السر والعلن بين الأصدقاء والأعداء لوجدناها اللعن كما وأنها في قوقل الفضائح , فانتعل حذائك حتى في نومك ولا تخلع الكمامة سوى عند الأكل ولاتهتم كثيراً فكل الكلمات السيئة إنما هي تلتصق بالخارج ستساعدك على إزالتها قطنه

ووطن لا يرجى برؤه , أقل بكثير من أن أوجع رأس غيري بالحديث عنه , والفساد أكبر بكثير من أنصًب نفسي المصلح.

إذن صه .

كدت أنسى " كل سنة وأنت طيب يا و ط ن " .









"الصادق يندم دائماً " .

متى يعرف العالم أن عجلات الحياة ليست سوى التزلف والكذب , وأن الكون لا يسير إلا بعكازي المجاملة والخداع , وأن الجميع لا يمكن أن يبلغ مكانته غير أن يكون له شريك في الأمر أو فيتامين ينهض به ..

ولقد عرفت ذلك منذ النشء , وحاولت مع أول اتهام لي أن أتعلم الكذب , لكنه كان واضح جداً من رجفة صوتي أني أحاول الاحتماء باللغة .

من لعب بالكبريت ..؟ أنتِ ..؟

لا مو أنا ..

من عبث بأوراقي ..؟

والله مو أنا ..

من ترك الباب مفتوح ..؟

والله مو أنا , يمكن مها ..

من خرب التلفون ..؟

مو أنا والله , أنا شفت مها جالسه عنده ..

كنت صغيرة وكانت الكذبات لا تتعدى جدران المنزل , عدى أنها كذبات لم تنضج بعد , مجرد محاولة فاشلة مكشوفة مسبقاً , لكنها تكبر معي , وتنضج أكثر مني , وأصبحت الآن تسابق الريح وتنتشر مثل النار في الهشيم , أظن أني أصبحت أتقن الكذب أكثر من قبل , أصبحت أمارسه مثل التنفس , غدا شيء بارز كملامحي وكأنه شامًة ..

لكن للأسف لا يزال الجميع يتقنه أكثر ولا يزال الجميع فيه أفضل حالاً مني , ولم أعهد على نفسي الرضا والقناعة بالتوسط في الأمور كلها فإما الأمام وإما الخلف , ولأن الجميع اختار الكذب منجاة , اخترت الصدق عبط , فصدقتهم القول كله وبتً لا أتحدث إلا وكأني في فضاء كنيسة وكل كلمة أقولها إنما هي اعتراف , وفي زمن شحً الصدق حتى بح , "لم يعد يصدقني أحد " ..







..تسقط مغشياً عليها , وتصحو حبلى بالموت لا تلده ولا ينفك يثقلها ..

"أم ..هل أنا قضية "

وجئتُ , فعوقبت كما وأن لي يد في الموت القريب والبعيد , كما وأني كارثة أو فساد عظيم يستوجب الدعاء بالفرج , حملت هذا الشعور القنبلة في داخلي , وبدأ منذ سنتي الأولى العد التنازلي , تك تك تك , أعانق الحياة بوحشة الموت الكئيب القابضة على روحي , اضحك في كل مرة وكأنها ستكون ضحكاتي الآخرة , أستقبل الجميع وكأنهم مغادرون حالاً , أفيض بالمشاعر هنا وهناك وكأنها زكاة نفسي تقربني من السلام زلفى , والقنبلة "تك/ تك/تك" , وأنا ملفوفة بالعجل في كل أمري , عيني تراقب الأشياء كلها ثم تغمض بشدة كأنما هي تحفر المنظر في أعماقي , أنت لا تغضب , أنتِ يا لله ابتسمي , أنت حاول أن تفرح وهات أبكي عنك , أنتِ كوني جميلة حتى ترضي خذي عيني و شفتي هاك سترتي التي أدهشتك فقط كوني راضية , هات أحمالك وأوزارك وذنوبك واحتفظ بالباقي من حسناتي , ثم كل ليلة قبل النوم أودع الجميع وأبكي ويدي تشد على القنبلة والقنبلة "تك/تك/تك" .

إنما أنا فوهة بركان أنذروا منذ الأزل غليانه وقرب انفجاره وعاجزة عن الهرب والفكاك عنه ولا أملك من الأمر سوى أن أقيس كل يوم مسافتي الفاصلة عن الموت , فقط لأني لا أريد الحياة كنت , لأني أجدها شيء تافه ولا يهمني تصدقت بها على كل من يهمني أكثر منها , حتى نفدت .

و مت ..

و شبعت موت ..

انتظرت في قبري كل يوم أن يأتي أحد منهم , ولم يأتي أحد.

كل يوم وأنا أتذكر هات حزنك , خذي فرحي , أعطيني همك , أدخل بعد ذلك في نوبة ضحك هستيرية , ثم أضرب الطين من فوقي بغضب وأعود للموت ..

وأموت وأنا أبكيهم و لا أسمع منهم أحد حتى يشاركني البكاء.

في الليل لا أسمع صوت غير احتكاك الطين بالطين, وقنبلة لا تزال في جوفي "تك/تك/تك" , ابتسم لحال الدنيا كيف كان هذا الصوت يؤذيني واليوم حديث مؤنس ..

.

.

.

بووووم ..

ويكون في اليوم التالي الخبر الرئيسي في الجريدة , والعناوين المثيرة في الأخبار , وتتوالد الشائعات , عن لغم ولد ومات , يبدأ السياسيون بعدها في هرج ومرج يخبرون الجميع بأنها مكيدة وإنما هي مؤامرة وقد تكون تجربة تحت الأرض والتي نمشي في مناكبها كأنما نحن حمر مستنفرة , ثم يستلم الوطنيون زمام الأمر ويحيكون القصائد الكذب وينشرون أوراق الخديعة عن وجوب الوحدة وعن كيف يكون افتداء الوطن , ثم يعتزم الشيخ أمره ويجعلها من علامات الفسق والفجور وما هي سوى العقاب والغضب وأنها من علامات انتهاء الكون ثم يخرج آخر ويخبر أنما هي كذب وليست في الدين ولا تمس الدين وأنها قد تكون تجربة اليهود وبني سام و ما هي سوى لعنة العلم الحديث , ويتوالى الحديث وتتفرع الأشياء حوله , ويكثر الكلام حول "لغم ولد ومات" ..

.

وأنا أقبض على العالم أجمع بيد وأجعده كورقة وألقي بها في سلة المهملات ..

تبتسم لي المرآة وهي تنقر أنفي "متى تنتهين من وضع أحمر الشفاه بعد أن أمسكت به قرابة ساعة " ..

هاه , أبحث عن ورقة العالم المجعدة ولا أجدها وأتحسس صدري فلا أسمع دوي وأطرافي سليمة مما يعني استبعاد حدوث انفجار ..

"كنت أحاول جمع العالم في كيس نفايات و و و.."

تضحك ساخرة " لوهلة صدقتك .. يبدو أنك أصبحت تجيدين الكذب " .

أرميها بأحمر الشفاه , وأجمع شظاياها في كيس نفايات وألقي بها في سلة المهملات ..ي بدو أني تخلصت من عالمي .

ويبدو أنه ثمًة انفجار قريب من روحي ,هيأ لي أني سمعت صوت تحطم مرايا داخلي , أمشي خطوة ولا أسمع سوى صوت ارتجاج المرايا واحتكاك رؤوس الزجاج المحطم ببعض , يبدو أني مسكونة حتى الموت بكمية من الأصوات الحادة المزعجة والتي تتوالد ولا تموت , أخطو الثانية وتعود القنبلة لحديثها المعتاد "تك/تك/تك" , وهكذا أصبحت مزيج من صوت عداد حياة وآخر تهشًم .

.

.

.

هل انتهيت حقاً ..

لا ..بقي أنه :

"لا وجود لمدينة فاضلة .."

الآن انتهيت .

.