الثلاثاء، 1 يونيو 2010

بلد المليون بلوتوث !

على أساس أنه هناك بلد من أصله *



"

رتِّب حاجياته , جهز حبره ودواته , ودَّع أهله , صلَّى ركعتين وارتحل , من بلد إلى بلد , ومن إقليم لآخر , يبحث عن العلم , العلم على أصوله وعن آخره , قرأ / درس / حفظ / كتب , و لم تكن الكتابة لديه لمجرد العبث , أو للوصول , أو لشهرة , كانت عن علم وله وفيه وبه , وكما جاء في ذلك الزمن , وكما جرت العادة فيه , قرأ / درس / حفظ / كتب , فكانت الكتابة آخر مراحل التعلم , وعلى القمة في الهرم التعليمي , وبذلك ستجد أن الكتب منذ القدم وإلى عصرنا الحالي محتفظة بقيمتها , بجلالتها وهيبتها , لم تنقص من قدرها السنوات ولم يقلل من قيمتها الغبار , ستعرف أثناء القراءة والتصفح لورق بردي أو صفحات قديمة وبالية , أنك تقرأ عمر بأكمله , وسنوات ورحلات , سنتين ثلاث , غياب وعودة , ستجد أن دفتين حملت في بطنها كنزاً ..



لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرَ *

"
وبما أن على قدر أهل العزم تأتي العزائم , وبناء على الكسل العام , وعلى الخمول الطافح , على كثرة الأشياء المقلدة والمستهلكة , لانت لنا التكنولوجيا عن سابقينا أكثر, وتمددت وتوسعت , وتكاثرت , وتطورت العلوم وتفجرت , وناس تقدمت وناس تأخرت , وعلى فكرة تقدم ناس وتأخر ناس لا يرفع ولا يخفض من قيمة ناس , فمن البديهي جداً أن يكون هناك آخرين يراقبون سابقين ويدققون في أمورهم ويناقشون أخطائهم ويعدونها عليهم , ويقومون بالتقييم للأمور بفظاعة , فإن أحسنوا كان الفضل لمراقبتنا , وإن أساؤوا فهناك مجال مفتوح للثرثرة وممارسة المثالية بغباء ..



فلنكن ممنونين للتكنولوجيا , فلولاها لما سرنا في حفريات المنتديات , ولا تعثرنا في حجر مدونة هنا, فسقطنا في غياهب صفحة كتاب فيس ولا توصلنا لسلالم فلكر , لما انطلقنا في عوالم الماسنجر نتلون , و لبقينا في عالم ضيَّق محدود باهت , ومن جرف لدحديرة ياقلبي كافي تحزن..



فلنكن ممنونين للتكنولوجيا وجداً , فلولاها لما أتحفتنا المجلات بالموضة , والعروض بالأزياء , و الفوتوشوب بالتحسينات البديعية , وعالم حواء بكتب الطبخ للسعودية نسخه ونسخه مترجمة لـ(الأندونيسيه) , السبورة المضيئة والقلم المضيء والمسَّاحة المضيئة , المفرش / الأبجورة / الدعاسة / العلاًقة المضيئة , وكأنها دليل داحض على كمية العتمة في عش الزوجية , لبقينا فرادى من غير تجمع المغتربات / تجمع البنات / تجمع المخطوبات / تجمع اللي على وش جوازه / الزوجات / الوالدات / المرضعات / المتعبات ‘المنهكات‘المعذبات / ثم انتقلت إلى رحمة الله , ولظننا أن الحياة أبسط مما يعدَّون , والزواج أحلى مما يكون , لبقيت الأشياء من غير تعقيد وتدقيق ...



فلنكن ممنونين للتكنولوجيا فعلاً , فلولاها لما حاولت إحدانا أن تكون عاشقة كغادة أخرى , ومتفردة كمي زيادة , وبحرية وجرأة أحلام , وفي حزن كاتبة وشجن شاعرة وروح خاطرة , لتتمدد والأفق أضيق مما تعتقد , حتى تكاد تموت أو تختنق , تحاول تعود لطبيعتها لكن طبيعتها غادرتها , فتبقى على حافة الأشياء ولا تبلغها ..



فلنكن ممنونين للتكنولوجيا , فلولاها لما عرفنا ليبرالي ومتزمت , وأن في هذا الكون المتقن ثمَّة ملحد , و لبقينا حارة تتكرر في مسجدها الوجوه ذاتها , صبحها ومساؤها , الصغير والكبير , وحاجات بسيطة في قائمة الدعاء , كـ" اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين " , لاحتفظت اللحية بروحانيتها وقدسيتها , لبقي للفتوى مكانتها وهيبتها , وعُرف الداشر والنص نص والخربان والمنتهي ..



فلنكن ممنونين للتكنولوجيا , فهي جمعت شمل العيلة حول الماسنجر , ومنحتهم أهداف مشتركة على الفيس بوك , وصقلت آرائهم ومنحت كل فرد منهم شخصيته المتوحدة المنعزلة المتوحشة على مدونة , فليس هناك معنى من إضاعة الوقت كل يوم لتبادل الأحاديث محوطين شاي العصرية , ولاثمَّة أهمية في حلقات الذكر المغربية , وحتى العشاء سيحفظ المايكرويف مواعيده , طازجاً دافئاً لكل فرد ..



فلنكن ممنونين للتكنولوجيا فعلاً , فمن غيرها لما عرفنا أنَّا موتى فعلاً , وأنَّا متعفنين , ولاستمررنا في محاولات مستميتة للعيش , لكانت كل واحدة منَّا لا تزال على اعتقاد أن أباها هو ثاني أهم رجل في العالم على اعتبار أكيد أن زوجها سيكون الأول , لظلَّلت الأفكار الغبية لكل رجل وأن زوجته هي أجمل امرأة في الكون , لاحتفظت الطفولة بحريتها دون قيد و تقليد , وعاشت الأحلام , وعمَّ الرضا , واستراحت الضمائر , وقصرت الطموحات حد المعقول وترفع الناس ووصلوا لها ..



إنها تمنحنا أشعة مقطعيًّة لوطن يسكننا ولا نسكنه , هنا عيوب , هنا أمراض , هنا جزء يستوجب البتر , هنا أشياء لا ترحم , وهناك طمع ولهط , خيانة ونهب , غش وخديعة , وفوق ناس تعيش وناس عايشه تحت , عالم حيَّة وعالم شبه , ناس تموت مرة وناس مليون , كيف يكون في جسد تخمة وجوع , بشر تعيش حرية وبشر خوف ولوع ..



والبركة في البوتوث !



لكن اللي في صالحنا ..



أنه ما عاد " لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرَ " لها وجود , فتشكلت وتبدلت وصار ممكن في لمحة تكون مشهور , في غمضة عين على وجه المجد وفي لمحة أسفله , عصر السرعة إحنا يا عالم , و " لن تبلغ المجد حتى تلقط الكاميرا / لن تبلغ المجد حتى تلقط الخبرَ / لن تبلغ المجد حتى تموت قهرَ , المهم حاجة تكون غير الصبر .



*



يا بلد المليون بلوتوث ..



صوَّر ..}



بلد مليون عاطل ..



بلد مليون غريق ..



أسهم ومليون حرامي ..



صاحي ومليون مجنون ..



جدة و مليون لبناني ..



حُر ومليون قيد ..



المليون مديون !



صوَّر ..{



*

أكشن ..



*ياناس أنا حبه وموت في حبه عاشق ومغرم به عاشق ومغرم به , آه منه منه منه ..*
ويضحك الجميع وتحزن أنا , اللي صوره من غير قلب , كيف لو خرج هذا الطفل من حدوده الضيَّقة يوماً ما , من بيئته البسيطة لكون معقد , ماذا سيحمل في صدره للبشرية , ماذا ستحمل له معاني الطفولة , كيف سينهش صدره الشعور بالاستغلال , هل سيعتبر الأمر مجرد مزحة وانتهت , البلوتوث مجرد مرحلة وعدت , هل سيضحك عندما يشاهده في كبره أم سيبكي , سيفرح أم يحزن , سيقبل على المستقبل بثقة أم يحجم ..



*



هيه أنت "

بشغل البلوتوث وحاول ترسلي وطن لسا ماكبر ..

أحلام كبيرة ماصغرت..

حياة نقيَّة ماتكدرت "

مشاعر صافية ماتلطخت ..

أماني كثيرة باقي ماختفت "

ضحكة لسا على طبيعتها ما تشكلت وتصنعت ..

وفاء / إخلاص / ثقة ..

أهل / أحباب / أصحاب ..

ذكريات من غير حنين ..

حاول !



"



لكنك أنت ضمن الأجهزة المحظورة !



.

هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

ياليت لو تختصرين شوي
لانك مطولتها صراحه عجزت لااكمل كل كلامك جابلي الغثه

نون ! يقول...

طيب ..
المرة الجاية إن شاء الله .

.

زيكو يقول...

غير معروف الله يسامحك عاد اقرأ واذا انتهيت احكم، العجلة من الشيطان

للحق أنا معه في أنها طويلة ولكن طولها ليس حشوا انما فيه موضوع فليس طولها مما يزعج
_____

على أساس أنه هناك بلد من أصله..-اسمحي لي لا تعليق

أما عن التقنية وكثرت الكتابات فانا أرى انها نعمة أساء الناس استخدامها حتى غدت نقمة

وإنما نحن في اخر الزمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(سيأتي على الناس سنوات خداعات ، يصدق فيها الكاذب ، و يكذب فيها الصادق ، و يؤتمن فيها الخائن ، و يخون الأمين ، و ينطق فيها الرويبضة . قيل : و ما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)
الراوي: أنس بن مالك و أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3650
خلاصة حكم المحدث: صحيح

-شكرا للتقنية التي جعلت الاستدلال بالاحاديث اسهل-

اسمحي لي ان لا اعلق على ما ترينه في حال البلد لأني أيقنت ان عدم الحديث أفضل فقد كثر المتحدثون وقل من يفعل شيئا

غير معرف يقول...

الغير معرف
... والله إنك .. أو أنتى اللى غثيتنا
..بعد ما قريت المقال كله جاى تقول
طويل وقصير ..طيب من الاصل لا تقرأ لو مو عاجبك ..

واحد مغلول .. ههههههه

rainbow يقول...

مقال مهم وكعادتك تطرقين جوانب حياتيه غاية فى الأهمية و ببصيرتك و نقدك نصل معك للمضمون بسهولة ..
عزيزتى : اود أن أقول لك هذه الوقت اللذى نعيشه بكل صخبه و صدقه و كذبه
شئنا أم أبينا ...
ةالتكنولوجيا تحاصرنا من كل جانب و إن لم نمضى فى الموكب سوف نصبح مجانين أو متخلفين ..
لا أظن ان القراءة الآن تستحوذ على الكثير من المعجبون .. ولا الفن هو الفن ولا الكلمة هى الكلمة ..
برغم من الازعاج اللذى جاء مع التقنية
فلا ننكر منافع ايضاً ..
اعجبتنى فلسفتك و طرجك ..
لك ودى و تحياتى دائماً

نون ! يقول...

أهلاً غير معروف أول "
أهلاً زيكو ..
أهلاً غير معروف ثاني ..
أهلاً قوس قزح .

"

الاختلاف لايفسد للإحترام قضية .

.

شكراً لكم جميعاً "